نام کتاب : تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) نویسنده : الثعلبي جلد : 1 صفحه : 117
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ
وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥))
(إِيَّاكَ نَعْبُدُ
وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) رجع من الخبر الى الخطاب على التلوين. وقيل فيه إضمار ،
أي قولوا : (إِيَّاكَ). وإيا كلمة ضمير ، لكنه لا يكون إلّا في موضع النصب ،
والكاف في محلّ الخفض بإضافة إيا إليها ، وخصّ بالإضافة إلى الضمير ؛ لأنه يضاف
إلى الاسم المضمر ألا يقول الشاعر :
وحكى الخليل عن
العرب : إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإياكم.
ويستعمل مقدّما
على الفعل مثل (إياك أعني) و (إياك أسأل) ، ولا يستعمل مؤخّرا على الفعل إلّا أنّ
... [٢] .. به حين الفعل ، فيقال : ما عبدت إلّا إياك ونحوها. وقال أبو ميثم سهل
ابن محمد : إياك ضمير منفصل ، والضمير ثلاثة أقسام :
ضمير متّصل نحو
الكاف والهاء والياء في قولك : أكرمك ، وأكرمني. سمي بذلك لاتصاله بالفعل.
وضمير منفصل
نحو إياك وإياه وإياي. سمي بذلك لانفصاله عن الفعل.
وضمير مستكن ،
كالضمير في قولك : قعد وقام. سمي بذلك لأنه استكن في الفعل ولم يستبق في اللفظ
ويعمّ أن فيه ضمير الفاعل ؛ لأن الفعل لا يقوم إلّا بفاعل ظاهر أو مضمر.
وقال أبو زيد :
إنما هما ياءان : الأولى للنسبة والثانية للنداء ، تقديرها : (أي يا) ، فأدغمت
وكسرت الهمزة لسكون الياء. وقال أبو عبيد : أصله (أوياك) ، فقلبت الواو ياء
فأدغموه ، وأصله من (آوى ، يؤوي ، إيواء) كأن فيه معنى الانقطاع والقصد. وقرأ
الفضل الرقاشي (أياك) بفتح الألف وهي لغة.
وإنما لم يقل :
نعبدك [لأنه] يصحّ في العبارة ، وأحسن الإشارة ؛ لأنهم إذا قالوا : إياك نعبد ،
كان نظرهم منه إلى العبادة لا من العبادة إليه. وقوله : (نَعْبُدُ) أي نوحد ونخلص ونطيع ونخضع ، والعبادة رياضة النفس على
حمل المشاق في الطاعة. وأصلها الخضوع والانقياد والطاعة والذلة ، يقال : طريق
معبّد إذا كان مذللا موطوءا بالأقدام. قال طرفة :